عشية انتهائها.. الهدنة الإنسانية تبحث عن فرص التمديد في اليمن

عشية انتهائها.. الهدنة الإنسانية تبحث عن فرص التمديد في اليمن
ميليشيا الحوثي

لم يتبقَ سوى يوم واحد فقط على انتهاء الهدنة الإنسانية باليمن، في حين تبذل الأمم المتحدة وأطراف يمنية مساعي لتمديدها، من أجل استقرار البلد العربي المأزوم.

ويقف اليمن قاب قوسين أو أدنى بين تمديد الهدنة أو استئناف الحرب، إذ يتعين على أطراف الصراع تحديد مواقفهم من تمديد الهدنة للمرة الثالثة لمدة شهرين آخرين أو رفض تمديدها.

ويحل انتهاء الهدنة الإنسانية في اليمن يوم 2 أغسطس الجاري، إذ أعلن مجلس القيادة الرئاسي تسلم إطار لتمديد الهدنة من المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في حين اشترطت ميليشيا الحوثي، صرف رواتب موظفي الدولة وإعادة الخدمات لقبول التمديد.

وقال غروندبرغ، إن "الهدنة أحدثت تحولا كبيرا وحققت فرقا ملموسا في حياة اليمنيين"، معلنا تكثيف اتصالاته مع الأطراف لدعم تنفيذ جميع بنود الهدنة، واستكشاف الفرص لتوسيع نطاقها وتمديدها.

وشدد غروندبرغ، في بيان، على أن تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها سيزيدان من الفوائد التي تعود على الشعب اليمني، كما سيوفران منصة لبناء مزيد من الثقة بين الأطراف، والبدء في نقاشات جادة حول الأولويات الاقتصادية مثل الإيرادات والرواتب، والأولويات الأمنية بما فيها وقف إطلاق النار".

وأضاف: "بفضل استمرار التزام الأطراف، فإن الهدنة صمدت إلى حد كبير لقرابة 4 أشهر، وبذلك تصبح واحدة من أطول فترات الهدوء النسبي بعد أكثر من 7 سنوات من النزاع المستمر، انخفض خلالها العدد الإجمالي للضحايا بين المدنيين مقارنة بأعدادهم قبل الهدنة".

جهود التمديد

وقال مجلس القيادة الرئاسي، في بيان السبت، إنه تسلم إطارا مقترحا لتمديد الهدنة من المبعوث الأممي، وذلك في ظل تعنت جماعة الحوثي في الوفاء بالتزاماتها بموجب إعلان الهدنة، وخروقاتها، وانتهاكاتها المستمرة في مختلف الجبهات".

يأتي ذلك بالتزامن مع انعقاد اجتماع للمجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي (بمثابة الرئاسة)، للتباحث بشأن آخر المستجدات المتصلة بالهدنة والتواصل القائم حيالها.

واشترط الحوثيون بأن "تجديد الهدنة يقتضي الالتزام (من جانب الحكومة) بصرفات رواتب جميع الموظفين (في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين) وإعادة الخدمات الأساسية التي دمرها العدوان (في إشارة للتحالف العربي".

وشدد أيضا على "ضرورة فتح مطار صنعاء الدولي (شمال) وميناء الحديدة (غرب) بشكل كامل" دون تفاصيل أكثر.

وتقول الأمم المتحدة إن الطرفين بحاجة إلى التفاوض والتنسيق والتواصل مع بعضها البعض، وإنها لن تتوقف عن بذل الجهود لتقريب وجهات النظر للتوصل إلى اتفاق لفتح طرق رئيسية بشكل مستدام وآمن في تعز ومحافظات أخرى.

وفي إطار الهدنة، اتفق الطرفان على رحلتين تجاريتين أسبوعيا بين صنعاء وعمّان والقاهرة، بإجمالي 36 رحلة خلال فترة 4 أشهر، كما تم تشغيل 20 رحلة ذهابا وإيابا حتى الآن بين صنعاء وعّمان، ورحلة واحدة ذهابا وإيابا بين صنعاء والقاهرة. 

فيما يعمل مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، على دراسة خيارات ربط مطار صنعاء بمزيد من الوجهات ضمن تمديد الهدنة إلى ما بعد 2 أغسطس الجاري.

وفي مطلع يونيو الماضي، وافقت الحكومة والحوثيون في اليمن، على تمديد هدنة إنسانية لمدة شهرين، بعد انتهاء سابقة لها مماثلة بدأت في 2 إبريل الماضي.

استدامة الصراع

بدوره، قال الباحث اليمني المتخصص بالشؤون السياسية، نبيل البكيري، إنه "لا مستقبل لهدنة دائمة في اليمن، ما دامت جميع فرص التدخلات الدولية تبقى عند حدود أعراض الأزمة ولا تتجاوزها لحل أسبابها وجذورها المتمثلة بالانقلاب الحوثي".

وأضاف البكيري، في تصريح لـ"جسور بوست" أن الهدنة الإنسانية في اليمن ليست سوى محطات أو استراحات محاربين في هذه الأزمة الممتدة منذ سنوات، والتي دمرت جميع المؤسسات والمرافق والخدمات.

وأوضح أن كل الجهود الأممية والدولية المبذولة لا ترقى إلى مستوى تدخل حقيقي لإنهاء الحرب اليمنية، لا سيما أنها تقف عند مستوى إدارة الصراع، أي استدامة الأزمة وبقاؤها تحت السيطرة الدولية والإقليمية.

وتابع البكيري: "حتى إذا نجحت الجهود الدولية في تمديد الهدنة الإنسانية لشهرين مقبلين، فلا معنى لها على أرض الواقع، في ظل عدم توقف أعمال القتل والخروقات المتبادلة بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين".

ومضى قائلا: "الهدنة لم تنعكس على الأوضاع الإنسانية والمعيشية لليمنيين، التي باتت في أسوأ حالاتها، تمديد الهدنة ما هو سوى إنجاز للمبعوث الأممي، وغير ذلك فلا معنى أو قيمة لها في ظل استمرار الصراع".

وأكد البكيري أن "ميليشيا الحوثي لا يمكنها أن تصمد أمام متطلبات اليمنيين في مناطق سيطرتها، لا سيما فيما يتعلق بالرواتب الشهرية للموظفين ومستوى الخدمات الأساسية، وكانت طوال السنوات الماضية تبرر فشلها باستمرار الحرب والصراع".

واستطرد: "سيذهب الحوثيون إلى الحرب هربا من الوفاء باحتياجات اليمنيين المتواجدين في مناطق سيطرتهم، وهو ما يعزز احتمالات عدم تمديد الهدنة، التي لا تعني لتلك الميليشيا سوى استراحة محارب لترتيب أوراق المعركة".

سنوات من الصراع

وأدّت سنوات الصراع في اليمن إلى تفكيك مؤسسات الدولة والمجتمع، ودفعت باليمنيين إلى حافة المجاعة، إذ باتت هذه المؤسسات غير قادرة على قيادة جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار والتنمية.

ومنذ أكثر من 7 سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.

وأودت الحرب، حتى نهاية 2021، بحياة 377 ألفا، وكبدت اقتصاد خسائر بحوالي 126 مليار دولار، وبات معظم سكانه البالغ عددهم قرابة 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، وفق تقدير الأمم المتحدة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية